التعليم الالكتروني: التحديات والحلول! الجزء الأول

بعد نشر المقال الأول عن الفرق بين التعلم عن بعد والتعلم عبر الانترنيت، وصلتني الكثير من الرسائل عن المشاكل التي تواجه الأشخاص في عملية التعليم الالكتروني في العالم عامةً وفي الوطن العربي خاصةً، وخصوصاً سورية، نظراً لضعف التقنيات المتوفرة، وصعوبة الدفع الالكتروني، ناهيك عن ضعف جودة الانترنت الفضائي. أحببت في هذا المقال طرح بعض التحديات التي تواجهنا جميعاً في عملية التعليم الالكتروني وطرح بعض الحلول لها، من وجهة نظر شخصية مبنية على سنين من الخبرة في مجال التدريب والتعليم على مدى سنوات متراكمة تجاوزت ال 20 عاماً، بالإضافة إلى بعض الحلول والنصائح التي استقيتها من خبراء التدريب الالكتروني من خلال المراجع المقروءة والالكترونية.

مما لا شك فيه أن عالم التعليم والتعلم يتجه شيئاً فشيئاً نحو التدريب عبر الإنترنت، وخاصة بعد سلسلة الأزمات التي يشهدها العالم على مسرح الكرة الأرضية. ولنكون منصفين بحق التدريب عبر الانترنت يجب أن نعترف أن له فوائد متعددة لا يمكن إنكارها مثل: التكاليف المنخفضة، مرونة كبيرة للمتدرب، والقدرة على تدريب الآلاف من الناس في جميع أنحاء العالم في نفس الوقت، كما يمكن مراقبة ما يفعله المتدرب في أي لحظة. ومع ذلك، لا يخلو التعلم الإلكتروني من عيوبه. فهو بالنهاية له خصائصه المحددة التي يمكن أن تعترض أو تَحُد من نجاح عملية التدريب. لذلك لا ينبغي النظر إلى التعلم الإلكتروني على أنه دواء لكل داء. وأقول في معرض هذا الحديث أنه فقط من خلال معرفة المشاكل التي تواجهها الشركات والمؤسسات الأخرى يمكننا تنفيذ برامج تحقق الفائدة المرجوة منها. فمثلاً، عندما تفكر الشركات، وخاصة الكبيرة منها، في بعض العوامل مثل التكلفة والجدول الزمني المخصص وتدريب الموظفين المنتشرين جغرافياً، ستدرك مدى صعوبة القيام بالتدريب. لذلك يكون، في غالب الأحيان، التدريب الإلكتروني هو الحل الناجع والسريع لهذه المشاكل الذي يمكن للموظفين من خلاله تلقي التدريب بالسرعة التي تناسبهم وفي وقت فراغهم.

يجب ألا ننسى أن التعلم الإلكتروني يأتي مع الكثير من التحديات التي يجب معالجتها أثناء تقديمه عبر الإنترنت. في هذا المقال، حددت لكم أهم المشاكل العشرة الرئيسية للتدريب عبر الإنترنت، وأتيت لكم بحلول مقترحة لها جميعاً. ولكيلا أطيل عليكم الوقت في القراءة، سأستعرض لكم 4 تحديات مع حلولها في هذا المقال، ونبقي ال 6 الآخرين للمقال في الأسبوع القادم.


التحدي 1 – قلة الوعي بأهمية التعليم الالكتروني

أحد التحديات الرئيسية للتعليم الإلكتروني هو أن المتعلمين لا يدركون فعالية هذا النوع من التعلم. قد يشعرون أن التعليم الإلكتروني ليس فعالًا مثل التدريب في الجلسات داخل المراكز التدريبية، وأن المتدربين سيفوتون فرصة التفاعل وجهاً لوجه.

الحل:

  1. تعزيز التعلم الإلكتروني: يمكن أن يكون تعزيز التعلم الإلكتروني طريقة فعالة لبدء برنامج التعلم الإلكتروني. رتّب حملة تسويقية واستخدمها كقاعدة لخلق الوعي بين الجمهور. يمكن أن تكون الطرق الأخرى من خلال نشر الكتب الإلكترونية والمدونات وحتى من خلال استضافة حدث على التعليم الإلكتروني.

  2. تطوير الاتصال: يمكن أن يكون تطوير الاتصال الفعال بين الجمهور نهجاً آخر نحو خلق الوعي. سيقبل جمهورك بسرعة التعلم الإلكتروني بمجرد أن يتعرفوا على ماهية التعلم الإلكتروني وكيف يمكن أن يكون مفيدًا لهم.


التحدي 2 – التدريب عبر الإنترنت ممل

على الرغم من أن التدريب عبر الإنترنت يهدف إلى توفير حل لملل التعلم القائم على جلسات التدريب داخل المراكز أو الفصول، إلا أن هذا ليس هو الحال دائماً. تتكون العديد من دورات التعلم الإلكتروني من نصوص لا تنتهي متبوعة بقائمة طويلة من الأسئلة متعددة الخيارات التي تفشل في إشراك المتعلم، فيبدو وكأنه قراءة إلكترونية بدلاً من أن يكون تعليم الكتروني. هذه الأنواع من الدورات التدريبية تُشعر المتعلم بالملل من التدريب عبر الإنترنت، وهذا الافتقار إلى المشاركة والتحفيز هو أحد الأسباب الرئيسية لفشل دورات التعلم الإلكتروني. لا يهتم الطلاب ببساطة بأخذ التدريب، ولا يدخلون إلى المنصة ولا يكملوا الدورة. تعد الدورات الضخمة المفتوحة عبر الإنترنت Massive Open Online Courses MOOCs)) مثالًا جيدًا: فقط 10٪ من الطلاب الذين يسجلون في دورة يكملونها بالفعل.

الحل:

لكيلا تشعر بالملل، ابحث عن دورة تدريبية عبر الإنترنت ديناميكية وممتعة وتفاعلية. قد يكون صعباً عليك التأقلم في الأيام الأولى مع التعلم الإلكتروني، إلا أنه بمرور الوقت يصبح أسهل. تتوفر حالياً مجموعة كبيرة من منصات التعليم الالكتروني الذين يقدمون جميع أنواع التدريب التفاعلي، مع التحديات والمغامرات، ومقاطع الفيديو، ورواية القصص، والحلول المبتكرة، وأجهزة المحاكاة لضمان الممارسة والتعلم القائم على اللعب والتمرين. وإذا كنت ترغب، كمُضيف لمنصة الكترونية، في إضافة لمسة تحفيزية إضافية للتدريب، يمكنك تقديم حوافز أخرى. أظهرت التجربة، على سبيل المثال، أنه عندما يحصل الطلاب على مؤهل أو شهادة رسمية في نهاية الدورة، يصبحون أكثر انخراطاً في التدريب. يمكنك أيضاً تعزيز المنافسة من خلال تضمين التصنيفات والجوائز للفائزين (نقداً أو مكافآت أخرى). كل هذا سيعزز المشاركة، وليس من المرجح أن ينهي المشاركون الدورة التدريبية فحسب، بل وأيضاً، البحث عن دورات تدريبية إضافية.


التحدي 3- الصعوبات الفنية التي يواجهها المتعلم

المشكلات الفنية هي أحد العوائق الرئيسية للتدريب عبر الإنترنت. في كثير من الأحيان، توجد مشكلات في التوافق (مع أنظمة التشغيل أو المتصفحات أو الهواتف الذكية)، أو أن الدورات لا تُبث بجودة عالية، أو أن الطالب لا يعرف كيفية المتابعة. كل هذا يزيد من الإحباط ويقلل من المشاركة، وتتعطل تجربة التعلم وربما يتخلى المتعلم عن الإكمال في الدورة.

الحل:

تقديم دورات تتناسب مع أجهزة وتطبيقات متعددة، بالإضافة إلى وجود متابع ليهتم بالمشاكل التقنية التي يواجهها المتعلم، وأيضاً تأكد من تجربة الدورة التدريبية على العديد من الهواتف الذكية والمتصفحات وأنظمة التشغيل، كما يجب الانتباه إلى جودة الصوت (وهي مشكلة غالبًا ما يتم تجاهلها)، هذا من جهة القائمين على إدارة المنصة التعليمية. أما من جهة المتعلم، فيجب أن يختار الدورات التدريبية التي لا تتطلب الكثير من الذاكرة الداخلية أو اتصال إنترنت عالي السرعة، مع برنامج نصي قوي وبسيط. امنح الأولوية للدورات التدريبية التي لا يتعين عليك فيها تنزيل أي برامج أو طباعة مستندات، واختر الدورات التدريبية التي تحتوي على صفحة مساعدة بسيطة وشاملة، وقسم الأسئلة الشائعة المفصل وخدمة رعاية الطلاب الممتازة. إذا كانت الدورة التدريبية عبر الإنترنت تحتوي على خدمة دردشة أو عنوان بريد إلكتروني أو منتدى لفرز الأخطاء الفنية، فهذا سيساعد كثيراً وبالتالي لن تكون هناك مشكلة فنية تعوق عملية التعلم.


التحدي 4 – ليس لدى المتعلم وقت للتدريب عبر الإنترنت

يوفر التعليم الإلكتروني للطلاب، بشكل عام، قدراً كبيراً من المرونة، إذ يمكنهم الالتحاق بالدورات التدريبية متى وأينما شاءوا، بالسرعة التي تناسبهم وبدون قيود جسدية. ومع ذلك، فإن الكثير من المرونة غالباً ما يؤدي إلى التقاعس. يمر الوقت ولا يزال المتدرب لم يدخل إلى منصة التدريب أو لم يكمل الدورة (لديك الكثير من الوقت والمرونة بحيث لا يمكنك أبداً إيجاد الوقت للقيام بذلك).

الحل:

  1. تأكد من أن الدورات التدريبية مقسمة إلى عدة أجزاء وتتكون من وحدات موجزة يمكن إكمالها في فترة زمنية قصيرة. إذا بات من المعروف أنه إذا واجه الطلاب عقبات كبيرة في التعلم، فمن المحتمل ألا يجدوا الوقت الكافي لمعالجتها.

  2. قم بتحديد حد زمني وإرسال رسائل تذكير لنفسك. أنشئ تقويماً واضحاً وبسيطاً (أجندة) يوضح متى يجب عليك أن تكمل كل جزء من الدورة التدريبية عبر الإنترنت.



إعداد: رولا الحموي

الرئيس التنفيذي

شركة أسس للتدريب وتنمية الموارد البشرية محدودة المسؤولية

Select your currency
SYP ليرة سورية